الإلياذة هي واحدة من أعظم الملاحم على مر التاريخ ، يغلب الرأى على أن من كتبها هو الشاعر العظيم هوميروس
وهناك رأى آخر يرى أن هوميروس ليس له وجود من الأساس ، وأنه شخصية أسطورية أخرى من الشخصيات الإغريقية التى لا تنتهى
تتميز الإلياذة عن غيرها من الأساطير الإغريقية ، بأنها ذات أصل تاريخى ، ويتفق العلماء على أن أصل تلك الملحمةهى الحروب التي دارت منذ ألفاً ومائتى عام قبل الميلاد بين أهل هيلاس ، وهى الأراضي الواقعة غرب الدردنيل وأغلبها اليوم في دولة اليونان ، ومعهم مملكة مسينا وهي مملكة أجاممنون ، وبين طروادة) أو أليوس) ، حول النفوذ التجاري وحرية الملاحة في بحر إيجة وبحر المرمرة
ولكن الشاعر هوميروس صاغ تلك الحروب في ملحمةٍ شعريةٍ رومانسية تحكى بطولات الإغريق ومحافظتهم على شرفهم .
بدأت الأحداث بأول مسابقة جمال في العالم ، كان الحكم في تلك المسابقة هو باريس الراعي الفقير ، والمتسابقات هيرا )ملكة أرباب الأوليمب) و أثينا ) ربة الحكمة) و أفروديتى ) ربة الجمال ومعشوقة الآلهة والبشر) ، وكانت الجائزة هي تفاحة أيريس الذهبية
أيريس ) هي ربة الخصام والعداوة) ، وهى من ترك تلك التفاحة في إحدى حفلات الأوليمب ويقال أنها حفلة زواج بيليوس و ثيتيس ) جنية الماء (التي لم تدعى إليها وكتبت عليها بكل خبث " للأجمل "
فتصارعن على التفاحة ؛ كل ربة ترى أنها الأجمل ، وقررن الثلاثة - هيرا وأثينا وأفروديتى - أن يحتكمن بأول رجل يعبر التل وكان باريس هو ذلك الرجل .
كل واحدة طلبت منه أن يعطيها التفاحة الذهبية ، وعرضت عليه في المقابل مكافأة كبيرة
فـهيرا عرضت عليه الثروة الطائلة التي لا تنفذ وأن يكون ملكاً على طروادة وعلى أرض اليونان كلها
أما أثينا عرضت عليه أن يكون أحكم و أعقل أهل الأرض و أعلمهم
أما أفروديتى قالت له " مهلاً أيها الشاب التفاحة للأجمل وأنا ربة الجمال ، ولك منى إن أعطيتني التفاحة أن أزوجك بأجمل امرأة في هذه الدنيا "
فأعطاها التفاحة وكسبت أفروديتى ، وأكتسب باريس كذلك غضب هيرا و أثينا .
أما أفروديتى ، فأخبرته أنه أمير طروادة وأنه ابن ملكها بريام ، وقصت عليه رؤيا أباه حين ولد ، والتي فسرها العرافون أن الغلام الذي يولد له سيكون سبب دمار طروادة ويجب أن يُقتل
ولكن الملك أشفق أن يقتله بيده ، ولكنه تركه على تل كي تأكله السباع ، فوجده راع فقير ورباه
فذهب باريس على الفور إلي طروادة ، وعرفه الملك لشبهه الشديد به و بسائر أخوته ، وجعله أميراً على طروادة .
وبعد أن أستتب له أمر طروادة ، طلب من أبيه أن يعطيه أسطولاً ليجوب العالم و يسافر و يجرب
وحين غادر الأسطول ، رسا في أسبرطة ) أقوى مدن الإغريق عسكرياً(
وأكرم الملك مينلاوس ، باريس كأمير طرواده ، وفي نفس الوقت قابل الضيف الإكرام بالخيانة
لقد صار يغازل الملكة هيلين ملكة أسبرطة و زوجة مينلاوس ) أجمل إغريقية وأجمل امرأة رأها في حياته) .
ونفذت أفروديتى وعدها ، وألقت بسحر على هيلين ، جعلها تنسى زوجها و ابنتها هرميون و بلدها أسبرطة ، لتهرب مع باريس إلى طرواده )
ولم يكتفي باريس بذلك ، بل سرق قصر مينلاوس ، سرق كل كنوزه و أمواله .
وبالطبع لم يسكت مينلاوس على هذه الصفعة الكبرى التي أصابته في صميم شرفه وكرامته وكبريائه ، ولم يصمت على الخيانة ،فأطلق أبواق الحرب على طرواده ، واستدعى حلفائه من كل بلاد الإغريق
وبعد جهدٍ غير يسير أخرجت بلاد الإغريق من ابنائها مئة وعشرين ألفاً ، منهم أوديسيوس الماكر ، و نستور الحكيم ، و أخيليوس أقوى وأمهر محارب على وجه الأرض
وكان يقود هذا الجيش أجاممنون شقيق مينلاوس الأكبر وأقوى ملوك الإغريق .. ونزلوا شواطئ طروادة وحاصروها تسع سنوات كاملة .
وفي العام العاشر بدأت الملحمة
بدأت بأجاممنون الذي أسر ابنة كاهن أبوللو ) أله الشمس والضياء) ، فدعا عليه الكاهن
فصب أبوللو جام غضبه على الإغريق ، ولكي يعتذر أجاممنون أعاد الابنة لأبيها ، وحتى لا يبقى بدون أسيرة تؤنس وحدته ، أخذ أجاممنون الأميرة الطروادية الحسناء برسياس والتي كانت أسيرة لدى أخيليوس
فقال أخيليوس لـ أجاممنون " أجبانٌ أنت أثناء القتال ! ثم في الغنائم تسلبني حقي ، كلا منذ اليوم لم يعد سيفي سيفك "..
و انسحب من القتال هو و أتباعه المرميدون ، وكان معه صديقه و ابن عمه بتروكولوس
وفي القتال ظهر ضعف الإغريق بعد انسحاب أخيليوس ، و شبع هكتور قتلاً في الإغريق
كان هكتور هو الصخرةالتي تدافع عن طروادة ، و ثاني أقوى و أمهر مقاتل في المعركة كلها بعد أخيليوس الذي انسحب ، وكان يقاتل لا دفاعاً عن أخيه باريس المستهتر ، فهو يستنكر فعلته ، ولكنه يدافع عن بلده ووطنه طروادة ضد الإغريق الذين لن يكفيهم عودة هيلين و كنوز مينلاوس وقتل باريس فقط ، بل سيدمرون طروادة ويجعلون عاليها سافلها .
وكل يوم يحاول الإغريق إقناع أخيليوس كي يقاتل معهم ، وهو يرفض ، وكل يوم يقف على التل يشاهد القتال ، ويشاهد ما يفعله بهم هكتور الذي لم يصمد أمامه سوى أجاكس ) ثاني أبطال الإغريق بعد أخيليوس ( ، وكل ما فعله الأخير هو العزف على قيثارته .
وبعد عدة أيام قتل هكتور أجاكس الباسل ، وتوالت المصائب على الإغريق ، فبعد أن كانت آلهة الأوليمب على الحياد في هذه المعركة ، خرجوا من حيادهم وانحازوا إلى طروادة
زيوس (كبير الألهة) ، كي يرضى ابنته الجميلة المدللة أفروديتى
أروس ) إله الحرب) ، كي يرضى حبيبته الجميلة أفروديتى
أبوللو (أله الشمس) ، كي يعاقب من أغضبوا كاهنه
بوسيدون ) أله البحار) ، كي يدافع عن مدينته التي ساعد في بنائها و تضم أهم من يعبدونه على الأرض
وكانت صواعق زيوس لا تبقى ولا تذر ، وانشرح صدر الطرواديون لهذا التدخل وشعروا بإقتراب النصر .
وفجأة ظهر لمعان و بريق درع أخيليوس المعروف ، وانشقت صفوف الإغريق عن أخيليوس و وراءه المرميدون ، وكفت الآلهة أيديهم ، لقد خرج أخيليوس للقتال
وأغلب الآلهة يعذبون الإغريق لإغضابهم أخيليوس
وظهرت مهارة أخيليوس ، فلم يلق أحد إلا وقتله ، وتحين هكتور الفرصة ، فهو طوال تسع سنوات لم يبارز أخيليوس مطلقاً ، والتقى السيفان وصالا وجالا
وفجأة عرفت أفروديتى أنه ليس أخيليوس ، إنه بتروكولوس ابن عمه ، فأوعزت إلى أبوللو الذي يميل إلى طرواده ، فأطلق أبوللو رياحاً أقتلعت الدروع من بتروكولوس
وما إن رأه هكتور حتى وجده شاباً صغيراً نحيف الجسد وعرف أنه ليس أخيليوس
وعاد السيفان إلى التلاقي بعد أن زالت الرهبة و الخوف من قلب هكتور ، وما هي إلا لحظات حتى قتل ( هكتور بتروكولوس
ولكن قبل أن يموت بتروكولوس قال له " لم تقتلني ولكن قتلني أبوللو ".
وحين رأى أخيليوس ابن عمه بتروكولوس ميتاً ، و هكتور يربطه بعربته ليجره في ميدان الحرب و يمثل بجثته ، غضب و هاج وأقسم أن الغد هو آخر يوم يراه هكتور
وفي المساء أحضر هيرمس )مبعوث الآلهة و أله التجارة) دروعاً جديدة لأخيليوس من صنع هيفايستوس ) حداد الآلهة)
وفي الصباح نادى على هكتور ، ونزل هكتور بعد أن ودع أهله و زوجته أندروماك وهو يعلم أنه هالك لا محالة
وبعد مبارزة قوية هلك هكتور وانتقم أخيليوس لصديقه وابن عمه بتروكولوس
و فجأة خرج سهم مسموم من قوس باريس أصاب الكعب الأيمن لـ أخيليوس ( نقطة ضعفه الوحيدة)
وسقط البطل العملاق على يد القزم باريس .
بعد أن أدى الإغريق طقوس تأبين أخيليوس ، لم يصبر القادة العسكريين على الحرب ، وأراد الجميع أن ينهيها
فتفتق ذهن منيلاوس عن فكرة قد تنهي الحرب .. وهي أن يبارز باريس
أجل فالحرب قامت في الأساس بينهما ، فخرج مع سائر القادة على رأس جيش الإغريق في الصباح ، وأعلن في الميدان أنه فرض الهدنة بين الجيشين ، على أن ينزل باريس من علياؤه و يبارز الرجل الذي حارب دفاعا ً عن شرفه .. مبارزة حتى الموت .. والفائز يحصل على هيلين الجميلة و كنوز منيلاوس المسروقة ، ويعود الإغريق و الطرواديون أصدقاء وتنتهي سنوات العداء .
وعلى الفور قبل باريس وقد أغرته نشوة نصره المزيف على أخيليوس العظيم ، ونزل وبارز منيلاوس بسيف ودرع و رمح ،ولكن هيهات فليس باريس بالمحارب الذي يقف في وجه منيلاوس الصنديد
وظهرت الفجوة الهائلة بينهما ، وكاد يظفر منيلاوس برأس غريمه ، بعد أن أطار سيفه ودرعه وجره على الأرض من شعر خوذته
ولكن أفروديتي التي مازالت ترغب في نصر باريس ، أثارت الغبار حول باريس حتى أخفته عن العيون ، ورفعته فوق الرياح حتى أدخلته على سريره ... ليبكي كالأطفال و ينادي أمه لتنقذه .
وبعد عدة أيام من الحصار لم يتمكن الإغريق من إقتحام المدينة ، فتنكرت أثينا ونزلت إلى أوديسيوس ، وأخبرته أنه لن يفتح طروادة وتمثالها المقدس موجود بداخلها
فتنكر أوديسيوس في زى رجل متسول ودخل طروادة وأحتال حتى أخرج التمثال وقابل هيلين في معبد أثينا ، و وجدها تعض الأنامل على ما فعلته وتتمنى لو رجعت إلى الإغريق حتى ولو قتلها مينلاوس
فأخبرها بحقيقة شخصيته ، وأخبرها أن طرواده ستُفتح عما قريب ، وأنه سيقنع مينلاوس أن يتقبل ندمها وأسفها ويعيدها إليه
وساعدته هيلين على الهروب بالتمثال الذي فرح به الإغريق واعتبروه بشرى للنصر ، وأرسل إلى مدينة أثينا ليكون زينة معبد الأكروبول ، معبد أثينا الأكبر .
ولم تفلح كل محاولات إقتحام طروادة لمناعة أسوارها ، ونظر أوديسيوس فإذا بأحد الجنود يصنع تمثالاً خشبياً صغيراً يتسلى به ، ومن هنا جاءته الفكرة العظيمة الماكرة
لم تُفتح طروادة بالقوة ولن تُفتح بها ، ولكن قد تُفتح بالدهاء ، وصنع أفضل حصان خشبي كبير الحجم مجوف ، ودخل في جوفهِ ( أوديسيوس و المرميدون جنود أخيليوس ، وجماعة من أفضل المحاربين ، أما البقية الباقية من الإغريق فقد ركبوا البحر في إتجاه بلادهم على أن يعودوا بعد يوم
وفي الصباح استيقظ الطرواديون ، وارتدوا أسلحتهم ودروعهم ، ونظروا فإذا البحر أمامهم بعد أن حرموا رؤيته عشر سنوات ، وسفن الإغريق قد غادرت بلادهم ، وخرجوا ليستطلعوا الأمر فوجدوا مكان معسكر الإغريق ، حصانا خشبيا هائل الحجم متقن الصنع ، وبجواره أحد جواسيس الإغريق ، الذي أخبرهم أن الطاعون قد فشا في جنود الإغريق ، وأنهم رحلوا وتركوا هذا الحصان كقربان لـ بوسيدون ) أله البحار) كي ييسر رحلتهم
فصاح كاهن بوسيدون - وكان شخصاً حكيماً : " أحرقوا هذا الحصان يكن ذلك أسلم لكم ".
ولكن الجميع قرروا أن يضعوا الحصان في أكبر ميادين طرواده كذكرى للنصر على الإغريق
وحين حاولوا إدخاله كان أكبر من أكبر البوابات ، فثقبوا سور المدينة وظلوا يحتفلوا وسهروا طوال الليل ، حتى ثملوا جميعا
وحين نامت المدينة خرج الإغريق من الحصان الخشبي وقتلوا الحراس النائمين ، وفي نفس الوقت دخل بقية الجيش الذي عاد من البحر وجرت المذبحة المتوقعة ، من ذبح الرجال وهتك الأعراض وبقر بطون الحوامل وسبى الأطفال ، وحرقُت المدينة وخُربت وصارت أطلالاً .
وبعد أن فرغ الإغريق من طروادة وجد مينلاوس هيلين ، وما إن رأها حتى اهتزت يده التي كانت تنوى قتلها ، وألقى بسيفه واحتضنها و عادا الى أسبرطه و عاشا معاً عهداً جديداً من الحب والتسامح والوفاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق